الصين تفتتح مركزًا لعمليات اليوان الرقمي في شنغهاي لتعزيز المدفوعات عبر الحدود ومنصات البلوك تشين
اتخذت الصين خطوة أخرى إلى الأمام في حملتها لتوسيع دور العملة الرقمية لبنكها المركزي من خلال فتح مركز عمليات جديد لليوان الرقمي في شنغهاي.
وستشرف المنشأة، التي يديرها بنك الشعب الصيني (PBOC)، على المنصات المصممة للمدفوعات عبر الحدود، والخدمات القائمة على تقنية بلوكتشين، والبنية التحتية للأصول الرقمية.
بنك الشعب الصيني يدفع اليوان نحو دور عالمي
ويأتي إطلاق هذه العملة في أعقاب الخطط التي وضعها في وقت سابق من هذا العام محافظ بنك الشعب الصيني بان جونج شنغ، الذي كشف في يونيو/حزيران عن ثمانية تدابير لدعم تدويل اليوان.
ومن بين هذه المبادرات إنشاء مركز شنغهاي، الذي وصفه بأنه جزء من رؤية مالية "متعددة الأقطاب" حيث لا تهيمن عملة واحدة على النظام العالمي.
وفي هذا الحدث، قدم بنك الشعب الصيني ثلاثة أنظمة جديدة: منصة المدفوعات عبر الحدود، ومنصة خدمة البلوك تشين، ومنصة الأصول الرقمية.
وبحسب وسائل إعلام رسمية، تهدف هذه الخطوة إلى دمج اليوان الرقمي في التمويل العالمي وتقديم بدائل للقنوات القائمة على الدولار.
الصين تسعى إلى الاستقلال عن الدولار الأمريكي
تسعى بكين منذ فترة طويلة إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي مع الترويج لعملتها في الخارج.
وقال تيان شوان، رئيس المعهد الوطني للأبحاث المالية بجامعة تسينغهوا، إن مركز شنغهاي "خطوة مهمة" يمكن أن تساعد الصين في تقديم "حل صيني" لتحديث شبكات التسوية عبر الحدود.
وتتماشى هذه المبادرة مع الطموحات طويلة الأمد لاستخدام التكنولوجيا الرقمية كوسيلة ضغط في التجارة الدولية.
وفي حين يلعب اليوان بالفعل دورا في التجارة الإقليمية، يرى قادة الصين أن البنية التحتية الرقمية هي وسيلة لتسريع التبني وجلب المزيد من البلدان إلى مدارها المالي.
الدفع بالتجزئة باليوان الرقمي
العملات المستقرة الناشئة كاستراتيجية موازية
ويأتي الدفع باليوان الرقمي بالتزامن مع التركيز المتجدد على العملات المستقرة.
في أغسطس/آب 2025، أفادت وكالة رويترز أن السلطات الصينية تدرس السماح بعملات مستقرة مدعومة باليوان لتوسيع نطاق الاستخدام العالمي للعملة.
وجاء ذلك عقب اجتماع رفيع المستوى عقدته لجنة الإشراف على الأصول المملوكة للدولة وإدارتها في شنغهاي، والذي أدرج العملات المستقرة على جدول أعماله.
وانتقل النقاش إلى وسائل الإعلام الرسمية أيضًا.
كتبت صحيفة سيكيوريتيز تايمز في 23 يونيو أن تطوير العملة المستقرة يجب أن يتم "في أقرب وقت ممكن وليس آجلاً".
وشكلت الرسالة تحولاً واضحاً عن الحظر الشامل الذي فرضته الصين في عام 2021 على تداول العملات المشفرة وتعدينها، مما يشير إلى نهج أكثر براجماتية يميز بين الرموز اللامركزية والأصول الرقمية المدعومة من الدولة.
القطاع الخاص يختبر المياه
وبينما تناقش بكين خطوتها التالية، بدأت الشركات الخاصة بالفعل في إطلاق منتجات مرتبطة باليوان.
AnchorX، وهي شركة تكنولوجيا مالية مقرها هونج كونج، الأسبوع الماضيتم تقديم أول عملة مستقرة مرتبط بالنسخة الخارجية من اليوان (CNH).
وتهدف العملة إلى تسهيل المدفوعات عبر الحدود في أسواق الصرف الأجنبي، وخاصة على طول ممرات الحزام والطريق التي تربط آسيا بأوروبا والشرق الأوسط.
تسلط هذه المشاريع المبكرة الضوء على كيفية تكامل اليوان الرقمي والعملات المستقرة المدعومة باليوان مع بعضها البعض: العملة الرقمية للبنك المركزي التي تقودها الدولة والتي يدعمها بنك الشعب الصيني للقنوات الرسمية، والعملات المستقرة التي توفر سيولة إضافية في الأسواق الدولية.
تميمة اليوان الرقمي الصيني
تجربة مالية جريئة أم مقامرة محفوفة بالمخاطر؟
تعتقد شركة كوين لايف أن النهج المزدوج الذي تنتهجه الصين، والذي يعتمد على دفع اليوان الرقمي المركزي مع التغازل مع العملات المستقرة المدعومة باليوان، يمثل تجربة جريئة من شأنها إعادة تشكيل التجارة الإقليمية.
ولكن المشروع يحمل أيضا عقبات خطيرة: الثقة في الحوكمة المالية في الصين، والمخاوف بشأن ضوابط رأس المال، والشكوك حول ما إذا كان الشركاء سوف يتبنون أنظمة مقومة باليوان بدلاً من الشبكات القائمة على الدولار.
إن مركز شنغهاي هو رمز للطموح، ولكن ما إذا كان سيصبح نقطة تحول أو مجرد تجربة أخرى خاضعة للسيطرة يعتمد على مدى استعداد الأسواق العالمية لقبول رؤية بكين لنظام "متعدد الأقطاب".
تعد شنغهاي مركزًا ماليًا عالميًا رئيسيًا، حيث تستضيف بورصة شنغهاي وتعمل كمركز رئيسي لتطوير التمويل الرقمي وأنظمة الدفع عبر الحدود بالرنمينبي في الصين.
ولكن المخاطر كبيرة: فإذا نجحت، فقد تتمكن الصين من تقويض هيمنة الدولار في ممرات التجارة الحيوية؛ وإذا تعثرت، فإن اليوان الرقمي يواجه خطر البقاء أداة قوية تقتصر إلى حد كبير على الاستخدام المحلي.