حددت شركة أبولو جلوبال مانجمنت، وهي شركة رائدة في إدارة الأصول البديلة والأسهم الخاصة، هدفًا طموحًا: مضاعفة أصولها المدارة إلى 1.5 تريليون دولار بحلول عام 2029. ويعكس هذا الهدف، الذي أعلن عنه الرئيس التنفيذي مارك روان، التحول الاستراتيجي للشركة من شركة قوية في مجال الاستحواذ بالاستدانة إلى واحدة من أكبر شركات الاكتتاب في الديون في العالم.
ويشير هذا التصريح الجريء إلى تحول في المشهد المالي، حيث تتجه الشركات بشكل متزايد إلى مقدمي رأس المال الخاص مثل أبولو للحصول على الائتمان، متجاوزة المؤسسات المصرفية التقليدية. وأوضح روان خلال عرض يوم المستثمرين الأخير أن عصر بنوك وول ستريت المهيمنة على التمويل المؤسسي يقترب من نهايته. ومع ذلك، أكدت أبولو أيضًا على دورها كمتعاون مع البنوك الكبرى، حيث أعلنت عن شراكات مع سيتي جروب وبي إن بي باريبا، مما عزز مكانتها في النظام البيئي المالي.
التحول في التمويل المؤسسي
إن الصعود السريع لشركة أبولو من شراكة خاصة صغيرة إلى عملاق مالي يسلط الضوء على الديناميكيات المتغيرة للتمويل المؤسسي. بعد أن ركزت في المقام الأول على عمليات الاستحواذ بالاستدانة، توسعت أبولو في الاكتتاب في الديون وحلول الائتمان البديلة، لتصبح لاعباً حاسماً في كيفية تمويل الشركات والمستهلكين لعملياتهم. مع محفظة متنوعة تشمل ذراع التأمين، أثينا، تتمتع أبولو بميزة تنافسية في جمع رأس المال. تمتلك أثينا وحدها 33 مليار دولار من الاحتياطيات، مما يمنح أبولو القدرة على الوصول إلى تمويل منخفض التكلفة، وهو نصف متوسط الصناعة.
ولا تعتمد استراتيجية روان على توافر رأس المال فحسب، بل وأيضاً على الطلب المتزايد على حلول التمويل المتخصصة. ومع اعتماد الشركات الكبرى مثل إير فرانس وإنتل وأيه بي إنبيف بشكل متزايد على أبولو للحصول على رأس المال، تعمل الشركة على وضع نفسها كمصدر حيوي للائتمان للصناعات التي اعتمدت تقليدياً على بنوك مثل جي بي مورجان تشيس وجولدمان ساكس.
تعزيز النمو من خلال الإقراض المتخصص
ومن بين مجالات النمو الرئيسية التي تركز عليها شركة أبولو التركيز على الإقراض المتخصص لقطاعات مثل المرافق ومراكز البيانات والبنية الأساسية المتجددة. ومن المتوقع أن تتطلب هذه الصناعات تريليونات الدولارات من رأس المال على مدى السنوات القادمة، ولكنها غالبًا ما تحتاج إلى حلول تمويلية مخصصة تتجاوز القروض المصرفية التقليدية. وتهدف شركة أبولو إلى الاستفادة من هذا الطلب من خلال تقديم حلول إقراض مخصصة تلبي الاحتياجات الفريدة لهذه الصناعات كثيفة رأس المال.
وأشار روان إلى أن "هذا الاتجاه ما زال في بدايته"، مؤكداً أن الأسواق الخاصة على استعداد للتفوق على الأسواق العامة من حيث النمو. ورغم أن الأسواق الخاصة لن تحل محل الخدمات المصرفية التقليدية بالكامل، فإن روان واثق من أن رأس المال الخاص سوف يلعب دوراً أكثر هيمنة في النظام المالي في المستقبل.
إن هدف شركة أبولو المتمثل في إصدار 275 مليار دولار من الديون سنويًا بحلول عام 2029 من شأنه أن يجعلها واحدة من أكبر شركات الاكتتاب في الديون في وول ستريت. وهذا من شأنه أن يضع أبولو في مصاف عمالقة مثل جي بي مورجان تشيس، الذي أصدر 268 مليار دولار من الديون المؤسسية والأوراق المالية الموثقة العام الماضي. وعلى مدار العام الماضي، أصدرت شركة أبولو بالفعل 164 مليار دولار من القروض الجديدة، متجاوزة بذلك أهدافها السابقة ومثبتة قدرتها على تلبية الطلب المتزايد على الائتمان الخاص.
محرك التأمين: أثينا
إن قدرة شركة أبولو على توسيع نطاق عمليات الإقراض مدفوعة إلى حد كبير بشركة التأمين التابعة لها، أثينا. فقد وفرت أثينا، التي تم الاستحواذ عليها في أعقاب الأزمة المالية، لأبوللو تدفقًا ثابتًا من رأس مال حاملي الوثائق للاستثمار. وقد سمح هذا التدفق من رأس المال لأبوللو بتوسيع نطاق وصولها إلى بعض أكبر أركان الأسواق المالية، بما في ذلك الديون ذات الدرجة الاستثمارية والأوراق المالية المدعومة بالأصول.
ومن خلال شركة Athene، تمكنت شركة Apollo أيضًا من الاستحواذ على أكثر من اثني عشر مُقرضًا متخصصًا ومُصدرًا للقروض أو الاستثمار فيها، مما عزز مكانتها كلاعب رئيسي في أسواق الائتمان. وفي العام الماضي، استحوذت شركة Apollo على وحدة المنتجات المضمونة التابعة لبنك Credit Suisse، والمعروفة الآن باسم AtlasSP، والتي تتمتع بتاريخ حافل في أسواق التمويل المدعوم بالأصول.
التحديات المقبلة والتدقيق التنظيمي
ومع استمرار شركة أبولو في توسيع عملياتها في مجال الاكتتاب في الديون، فإنها سوف تواجه حتماً تدقيقاً متزايداً من جانب الهيئات التنظيمية المالية. وقد يثير النمو السريع للشركة ومشاركتها المتزايدة في الإقراض غير المصرفي مخاوف بشأن المخاطر المرتبطة بالاكتتاب في كميات كبيرة من الديون. وقد أقر روان بهذا التحدي، مؤكداً على أهمية إدارة المخاطر بعناية مع قيام شركة أبولو بتوسيع نطاق عملياتها.
"عندما تستهلك الأصول بنفسك، فإنك تشعر بقلق شديد بشأن ما يحدث"، كما قال روان، مقارنًا نهج أبولو بنهج البنوك التقليدية، التي غالبًا ما تبيع القروض لمستثمرين آخرين. تضمن استراتيجية أبولو المتمثلة في الاحتفاظ بالقروض في ميزانيتها العمومية أن تظل الشركة مستثمرة بشكل كبير في نجاح القروض التي تصدرها.
ورغم هذه التحديات، لا تظهر مسيرة نمو شركة أبولو أي علامات على التباطؤ. فقد ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 5% عقب الإعلان عن خطط النمو الطموحة، ليصل إجمالي عائدها لهذا العام إلى ما يقرب من 43%.
نظرة إلى المستقبل: دور أبولو في تشكيل مستقبل التمويل
إن طموحات شركة أبولو الجريئة لمضاعفة أصولها والتحول إلى شركة رائدة في مجال الاكتتاب في الديون تشير إلى عصر جديد في عالم التمويل، حيث يلعب رأس المال الخاص دوراً مهيمناً بشكل متزايد. وبفضل تركيزها على الإقراض المتخصص والشراكات الاستراتيجية مع البنوك ومحرك التأمين الخاص بها "أثينا"، تتمتع شركة أبولو بمكانة جيدة لتلبية الاحتياجات المتطورة للشركات والصناعات في السنوات القادمة. وكما أكد روان، "التغيير قادم"، وأبوللو مستعدة لقيادة المهمة.