في خطاب جريء أمام أكثر من 80 من الرؤساء التنفيذيين العالميين في منتدى التنمية الصيني 2025 في بكين، أعطى رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ لجمهوره تحذيرا صارما من مخاطر التفتت الاقتصادي وإطالة أمد الحرب التجارية.
وفي خطابه، حث مستمعيه على مقاومة الحمائية والدفاع عن العولمة، قائلاً:
"إذا عاد العالم إلى شريعة الغاب، فسيكون ذلك خطوة إلى الوراء في التاريخ ومأساة للبشرية".
يأتي خطاب رئيس الوزراء لي في وقت فرض فيه الرئيس الأمريكي ترامب تعريفات جمركية عدوانية على الصين، وفي وقت أكثر اضطرابا وتوترا بالنسبة للصين بينما تحاول استعادة الثقة وعكس اتجاه الاستثمار الأجنبي المتراجع في وقت أصبح فيه اقتصادها أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى.
ولكن الشيء المثير للاهتمام هو أن هذا الخطاب ليس خطابا صادقا إلى مواطني الصين، بل هو أيضا رسالة موجهة إلى قادة الأعمال العالميين مع شخصيات بارزة مثل تايم كوك من شركة أبل، وراج سوبرامانيام من شركة فيديكس، وألبرت بوريا من شركة فايزر، والذين كانوا أيضا من بين الحضور، حضروا المؤتمر الذي عقد في العاصمة الصينية بكين.
ومن بين الأسماء الأكثر إثارة للدهشة في قائمة الضيوف حليف ترامب وعضو مجلس الشيوخ الأمريكي ستيفن داينز، الذي حضر المنتدى أيضًا، مما يشير إلى أساس محتمل لمحادثات مستقبلية بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج.
تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة
فرض الرئيس ترامب رسوما جمركية مذهلة بنسبة 20% على جميع الواردات الصينية منذ بدء ولايته الثانية في يناير/كانون الثاني 2025. وقد أدت هذه الإجراءات إلى إجهاد الاقتصاد الصيني، الذي يعاني بالفعل من تباطؤ الاستهلاك المحلي وتراجع سوق العقارات.
وردت بكين بفرض رسوم جمركية مضادة على السلع الأميركية، وشددت ضوابط التصدير على المواد الخام الأساسية.
وفي يوم الاثنين، وقع لي أمرا بتعزيز قانون مكافحة العقوبات في البلاد، ينص على أنه يمكن اتخاذ تدابير مضادة ضد الدول الأجنبية التي "تحتوي أو تقمع الصين أو تعتمد تدابير تمييزية ضد مواطنيها أو كياناتها".
مع تصاعد التوتر بين البلدين، قد يعتقد الكثيرون أن العلاقة بين البلدين وصلت بالفعل إلى نقطة اللاعودة.
لكن ترامب ألمح مرارا وتكرارا إلى مفاوضات محتملة مع الصين، على الرغم من أن المحللين لا يزالون متشككين بشأن أي حل فوري.
الاستثمار الأجنبي: شريان حياة للصين؟
وفي إطار استراتيجيتها لجذب الاستثمارات الأجنبية، أعلنت بكين عن مبادرات هامة خلال المنتدى.
وقعت شركة أسترازينيكا اتفاقية بقيمة 2.5 مليار دولار لإنشاء مركز عالمي للبحث والتطوير في بكين، وهو ما يمثل أحد أكبر الاستثمارات في قطاع الأدوية الحيوية في المدينة.
#أسترازينيكا وقّعت شركة "سي إن بي سي" اتفاقية استثمارية تاريخية بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي لتوسيع حضورها في بكين على مدى السنوات الخمس المقبلة، مما يُمثّل أكبر استثمار منفرد في قطاع الأدوية الحيوية بالمدينة في السنوات الأخيرة. تشمل الاتفاقية مركزًا استراتيجيًا عالميًا جديدًا للبحث والتطوير، و...pic.twitter.com/DGGHIGx5q4
— استثمر في الصين (@investing_china)24 مارس 2025
أ
وبالإضافة إلى ذلك، التقى وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو مع الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك لمناقشة توسيع نطاق عمل أبل في الصين.
طمأن لي الرؤساء التنفيذيين العالميين بأن الصين لا تزال ملتزمة بتعزيز بيئة أعمال مفتوحة رغم الصدمات الخارجية. ومع ذلك، حضر عدد أقل من الرؤساء التنفيذيين الأمريكيين منتدى هذا العام مقارنةً بالأعوام السابقة، مما يعكس توتر العلاقات الأمريكية الصينية.
معركة من أجل النفوذ العالمي
أبرز المنتدى سعي الصين لترسيخ مكانتها كداعم للعولمة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة. وصوّر خطاب لي الصين على أنها "دولة كبرى مسؤولة" تقف على "الجانب الصحيح من التاريخ".
لكن الشركات الأجنبية أصبحت في السنوات الأخيرة حذرة بشأن ممارسة الأعمال التجارية في الصين وسط التوترات الجيوسياسية المتزايدة، ومع قيام السلطات الصينية باحتجاز أو استجواب موظفين من عدد قليل من الشركات الأجنبية، وسط التركيز المتزايد من جانب شي على الأمن القومي.
كما أصبحت الحكومات في جميع أنحاء العالم تشعر بقلق متزايد إزاء الصادرات الصينية الواسعة النطاق، بما في ذلك المركبات الكهربائية والتقنيات الخضراء، قائلة إن هذه الشركات تتمتع بميزة غير عادلة على التصنيع المحلي بسبب الدعم الذي تحصل عليه من الحكومة الصينية.