وجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدفًا جديدًا لحروبه الجمركية - مجموعة البريكس.
ولجعل الدولار عظيماً مرة أخرى، أعلن الرئيس ترامب أنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على الواردات من أي دولة تتبنى عملة مجموعة البريكس. وإذا تم إقرار هذا القرار، فسوف يضاعف تكلفة السلع المستوردة في الولايات المتحدة، وبالتالي يعطل ديناميكيات التجارة والاقتصاد العالمي والمحلي.
إن هذه السياسة تستهدف في المقام الأول الصين، أكبر دولة مصدرة في العالم، رغم أن كل دول مجموعة البريكس سوف تشعر بالتأثيرات المترتبة عليها. والواقع أن الرئيس ترامب يوضح هدفه بوضوح تام: ردع أي تحول بعيداً عن الدولار الأميركي في التجارة الدولية، وتعزيز مكانته كعملة احتياطية عالمية.
منذ صعوده إلى "العرش"، استخدم دونالد ترامب قوته الاقتصادية باستمرار لإرغام وتهديد العديد من البلدان للحفاظ على الهيمنة المالية الأمريكية مع خلق مساحة للمناورة الدبلوماسية. في الأسبوع الماضي فقط، فرض ترامب تعريفة جمركية على كندا والمكسيك للحد من تدفق الفنتانيل إلى البلاد.
وهذه المرة، يوجه الرئيس ترامب أنظاره نحو مجموعة البريكس.
علاقة ثلاثية سرية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا
ومن المثير للاهتمام أن هناك تقارير تفيد بأنه على الرغم من العداء الخارجي والمنافسة بين الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، فإن الدول الثلاث في الواقع متواطئة سراً مع بعضها البعض.
وتشير الشائعات إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن منفتح على استعادة دور الدولار مقابل رفع العقوبات المفروضة على روسيا.
إن النهج البراجماتي الذي تنتهجه روسيا في التودد إلى الولايات المتحدة يعكس أيضاً وجهة نظرها التي ترى أن الولايات المتحدة عبارة عن وحش جريح ينبغي مواكبته بدلاً من مواجهته بشكل مباشر. وهذا يعني أيضاً أن روسيا والصين سوف تضطران إلى قبول هيمنة الدولار مؤقتاً في انتظار التطور الطبيعي لتوازن القوى.
حل أزمة ديون البلاد
وتأتي هذه الاستراتيجية في ظل ارتفاع الدين الوطني الأميركي، والذي من المتوقع أن يصل إلى 37 تريليون دولار بحلول أوائل عام 2025. ومع تزايد الدين بمقدار تريليون دولار كل بضعة أشهر، يظل الحفاظ على تفوق الدولار أمرا بالغ الأهمية لتمويل العجز الأميركي.
ولقد كانت دول مجموعة البريكس، التي تدرك هذه النقطة تحديداً، حريصة على تجميع احتياطيات هائلة من الذهب. وتنفذ الصين على وجه الخصوص استراتيجية سرية ولكنها عدوانية في الاستحواذ على الذهب، وتبقي على حيازاتها الفعلية غير معلنة.
وتبذل مجموعة البريكس جهوداً حثيثة لتطوير بديل لنظام سويفت، بقيادة الصين. ومن شأن هذا النظام الجديد أن يتيح إجراء معاملات مالية آمنة ومستقلة بعيداً عن سيطرة الولايات المتحدة.
إن العملة المحتملة لمجموعة البريكس يمكن أن تكون مدعومة بسلة من الأصول الاستراتيجية، بما في ذلك الذهب والمعادن النادرة وغيرها من الموارد الرئيسية ــ وهو نهج مختلف تماما عن الدولار، الذي يعتمد على الثقة العالمية في الاقتصاد الأميركي.
خطة الصين لإنشاء هيكل مالي بديل
وتعمل الصين أيضا على تعزيز بنيتها التحتية المالية. فنظام الدفع البديل لديها يعمل بالفعل ويستخدمه على نطاق واسع في روسيا، وهو ما يمهد الطريق لتحول نقدي أوسع نطاقا. وعلاوة على ذلك، قد تلعب تقنية البلوك تشين دورا محوريا في تسهيل المعاملات الآمنة والفورية تقريبا خارج الشبكات التي يهيمن عليها الدولار.
إن النهج المزدوج الذي يتبعه ترامب ــ التهديد العلني بفرض عقوبات اقتصادية شديدة في حين ينخرط في مفاوضات دبلوماسية سرية ــ يوضح مدى تعقيد صراعات القوة النقدية العالمية.
إن النتيجة النهائية سوف تعتمد على قدرة أميركا على إدارة أزمة ديونها مع الحفاظ على هيمنة الدولار. وفي الوقت نفسه، قد تقبل دول مجموعة البريكس الاعتماد على الدولار في الأمد القريب في حين تعمل على بناء الأساس لنظام مالي بديل.